تتمتّع روزاموند بايك بثقة كبيرة بالنفس في فيلمها الجديد يحسبونني أبالي/I Care A Lot من خلال تأديتها لشخصية مارلا غرايسون التي تعمل كوصية معينة من قبل المحكمة للعشرات من كبار السن ممن يخضعون لشروط الوصاية؛ تتساعد الوصية غرايسون مع مجموعة من صديقاتها من أجل الاستيلاء على مخصصات كبار السن المالية بعد خداعهم بطرق ماكرة ومثيرة للريبة غير أن جميع هذه الخدع قانونية، لكنها تجبر عندما تتعرف على دايان ويست التي تؤدي شخصية جينيفر بيترسون على تغيير قواعدها الخاصة في هذه اللعبة التي لا يستطيع أن يلعبها سوى المفترسين.
تقول غرايسون في مقدمة يحسبونني أبالي: “أحسب إن العمل بجد واللعب النظيف سيؤديان إلى النجاح والسعادة. هذا غير صحيح. اللعب النظيف كذبة ابتكرها الأغنياء لإبقاء بقيتنا فقراء”، يمثل هذا المشهد الافتتاحي بصوت مارلا التي تتحدث في إعلان تفلزيوني يشاهده كبار السن، مقدمةً للفيلم الذي عمل على كتابته وإخراجه جيه بليكسون، لأن قواعد اللعب ستتغير بالنسبة لها عندما تحاول الاستيلاء على أموال بيترسون، قد تظن أن المسألة سهلة كما الحال مع بقية كبار السن الذين استولت على أموالهم، لكنها تكتشف أن بيترسون لها صلة مع رجل العصابات في المافيا الروسية بيتر دينكليج الذي يؤدي شخصية رومان لونيوف.
معظم المراجعات التي قدمت لفيلم بايك الجديد على شبكة نتفليكس الرقمية شبهّت شخصية مارلا غرايسون في يحسبونني أبالي بشخصية إيمي دان في فيلم فتاة غائبة/ Gone Girl للمخرج ديفيد فينشر، ترشّحت عنه للمنافسة على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة رئيسية في عام 2015.
ترى غرايسون أن اللعب النظيف كذبة ابتكرها الأغنياء لإبقاء بقيتنا فقراء
ترى بايك في مقابلة لها أن شخصيتي غرايسون ودان تتشابهان “بالإثارة” لكنها تعتقد أنهما “لن تحبا بعضهما البعض إطلاقًا”، فهي تنظر إلى ذكاء غرايسون ودان على أنه “مثير ومغري حتى لو استخدم في نهايات سيئة، كما اكتشف (الجمهور) مع إيمي دان أيضًا”، وهو على ما يبدو لفت انتباه رابطة هوليوود للصحفيين الأجانب التي منحتها جائزة غولدن غلوب لأفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي لعام 2021 عن دور مارلا غرايسون في يحسبونني أبالي.
تقول الناقدة سينثيا فيني في مراجعتها للفيلم إن “الشعور بالصدمة والغضب”، هو بعض ما سيحركه بداخلك أداء بايك وهي تلعب دور مارلا في يحسبونني أبالي، لأن الجمهور لن يتعاطف مع مارلا وبنفس الوقت لن يكرهها أيضًا، وكذلك سيكون الموقف من رجل العصابات لونيوف، لكن ما سيكون واضحًا للجمهور هو أن الحياة يمكن سرقتها منّا ببساطة وبالقانون، إذ يبدأ الفيلم بقاضٍ ساذج حسن النية، وتقول الرسالة: “القانون قد يكون غبيًا.. أو القانون لا يفكر”، حيث هدف مارلا من استهداف كبار السن في النهاية هو أن تصبح ثرية قدر الإمكان.
ما كان مهمًا في إصدار فيلم نتفليكس أنه جاء بالتزامن مع إثارة الفيلم الوثائقي Framing Britney Spears الذي أنتجته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لقضية المعارك القانونية التي تخوضها نجمة البوب بريتني سبيرز مع والدها جيمي سبيرز، بعد أن حكم القضاء الأمريكي بوصايته القانونية الكاملة على جميع أموالها في عام 2008، بالإضافة لحديث الوثائقي عن حركة الحرية لبريتني/ FreeBritney التي تعتقد أن سبيرز “مأسورة” لدى عائلتها، وترى فيني في مراجعتها أن بدء عرض يحسبونني أبالي على نتفليكس بالتزامن مع بدء عرض فيلم سبيرز الوثائقي هو “أمر محظوظ” بالنظر للاهتمام المتجدد في قضية وصايتها، لكنها تشير إلى أنه من الخطأ اعتبار يحسبونني أبالي تعليقًا على فكرة الوصاية بشكل عام.
تستخدم مارلا في يحسبونني أبالي المحاكم لتعين نفسها وصيًا قانونيًا على الأشخاص الذين قد يحتاجون أو لا يحتاجون إلى المساعدة، وتضعهم في دور رعاية المسنين ثم تبيع ممتلكاتهم لإثراء نفسها، والأوصياء المعينون من قبل المحكمة أمر حقيقي وهذا الأمر موجود في أوروبا أيضًا، وتظهر القصة في الفيلم كوميديا سوداء مسلية عن أناس فظيعين يفعلون أشياء فظيعة.
قصة الفيلم هي كوميديا سوداء مسلية عن أناس فظيعين يفعلون أشياء فظيعة
تعتمد مارلا في عمليات احتيالها التي تكون معظمها قانونية على مجموعة من الشركاء، حيثُ يساعدها في ذلك صديقتها إيزا غونزاليس التي تؤدي شخصية فران، وصديقتها الأخرى أليسيا ويت التي تؤدي شخصية الطبيبة أموس، ومعهما مدير دار رعاية المسنين داميان يونغ الذي يؤدي شخصية سام ريك، وأخيرًا إيسيا ويتلوك جونيور الذي يؤدي شخصية القاضي لوماكس، وهو قاضي حسن النية لكنه ساذج.
يعمل مشروع مارلا بشكل جيد إلى أن تصبح وصية على بيترسون التي كانت تبدو امرأة ستينية عادية تعيش تقاعدًا مملًا، لكن يتضح لاحقًا أن بيترسون ليست هدفًا سهلًا، فهي والدة رجل العصابات الروسي لونيوف، مما يجعل مارلا تواجه شخصًا يلعب بمجموعة مختلفة من القواعد.
تصف فيني شخصيات الفيلم في مراجعتها بأنها “خسيسة”، إذ أنه منذ البداية ستكون الأمنيات ألا نكون هدفًا لمحامية تشبه مارلا ونحن نعيش أحلامنا الأمريكية، مضيفةً أن صراع الشر مع الشر سيفضي إلى شراكة قوية، لذلك نهاية الفيلم ستكون كلاسيكية، لتنهي مراجعتها بالقول إن الفيلم يوضح أن المشكلة الأساسية هي مع النظام الذي يسيره الأقوياء ومن يفهمون القانون ويستغلونه مثل مارلا، التي احترفت اللعب على وتر رفيع بين الحقيقة والباطل.