فيلم “المصرفي”.. عن العنصرية الأمريكية قبل 6 عقود

نيكولاس هولت وأنتوني ماكي وصامويل جاكسون في لقطة من الفيلم | آبل بلس

كان من المقرر أن يعرض فيلم المصرفي/ The Banker خلال حفل ختام مهرجان المعهد الأمريكي للأفلام (AFI) في نوفمبر/تشرين الثاني العام 2019، والذي يعتبر واحدًا من أبرز المهرجانات في الولايات المتحدة التي تمهد لمشاركة الأعمال المتميزة ضمن منافسات جائزة الأوسكار للعام 2020، لكن شبكة آبل تي في بلس منتجة الفيلم اصطدمت بتوجيه سيدتين اتهامات بالتحرش الجنسي لأحد منتجي العمل، الأمر الذي دفعها لإلغاء عرض الفيلم أولًا، وتأخير طرحه عبر شبكتها الرقمية حتى مارس/آذار العام الماضي.

المصرفي.. قصة حقيقية غير معروفة

يعتبر المصرفي واحدًا من أوائل الأفلام التي خططت شبكة آبل لطرحها أمام الجمهور مع بداية انطلاقتها في فضاء الأعمال الرقمية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، نظرًا لقصته التي تروي سيرة رجل الأعمال الأمريكي من أصل أفريقي برنارد غاريت يجسد شخصيته أنتوني ماكي، وصديقه الصاخب جو موريس يقوم بدوره صامويل جاكسون، حين أرادا دخول عالم المال والبنوك في ستينيات القرن الماضي، على الرغم من حظر السلطات من امتلاكهما البنوك والمصارف بسبب أصولهما الأفريقية وفقًا لما تنص القوانين العنصرية الأمريكية حينها.

في محاولة من رجلي الأعمال الالتفاف على القوانين التي تحظر على الأمريكيين من أصول أفريقية مثل هذه الأعمال، قاما بتوظيف مات شتاينز يلعب الدور نيكولاس هولت ليكون واجهة لأعمالهما المصرفية، وهو رجل أبيض من الطبقة العاملة، بعدما عملا على تدريبه ليكون بمثابة حليفًا لا شريكًا أولًا، وفي صورة تشبه حصان طروادة لمساعدتهما على دخول الأماكن التي يمنع دخولهما إليها بسبب أصولهما الأفريقية ثانيًا، مع وجود مخطط غير معلن لديهما للقضاء على التمييز العنصري الذي يواجهونه في أعمال العقارات والمال.

تقول الناقدة السينمائية مونيكا كاستيلو إن المصرفي المستوحى من قصة حقيقية لكنها غير معروفة، تدور أحداثه حول الكفاح من أجل الحصول على الحقوق المدنية لامتلاك العقارات معتمدين على سلاحهم الرئيسي المال الذي يخضع لسيطرة رجال الأعمال البيض، فالفيلم الذي شارك في كتابة نصه سبعة كتاب سيناريو، بما فيهم مخرج العمل جورج نولفي، يبتعد عن أعمال السيرة الذاتية التي اعتدنا عليها، إضافة لاستخدام المصورة السينمائية شارلوت بروس كريستنسن الألوان الداكنة الخفية لتجعل اللقطات تبدو كأنها قديمة.

ترى كاستيلو أن مشهد وقوف غاريت أمام منصة مليئة بالقضاة لانتقاد القمع الممارس من النظام السائد في الولايات المتحدة، يعتبر واحدًا من اللحظات المثيرة، إضافة لمشاهد الشخصيات الذين يقفون ليقولوا إن هناك شيئًا ما من المستحيل القيام به، لكنهم يقومون به على أي حال، وكذلك المشاهد الدرامية التي تظهر فيها الأيدي المطوية والشخصية الصارمة، معلقةً على ذلك بالقول إن العديد من الأفلام استخدمت مثل هذه الوقائع في “قصصها العاطفية” سابقًا لاستقطاب الجمهور.

يكشف المصرفي في قصته عن أسماء اثنين من الأمريكيين أصحاب الأصول الأفريقية الذين حاولوا تحدي المصاعب التي تواجههما في عوالهما الخاصة، كمال الحال مع المهندسين في فيلم شخصيات مخفية أو شخصيات مطومسة/Hidden Figures، إلا أنها على عكس الشخصيات المخفية لا تحتاج في المصرفي لابتكار شخصية بيضاء تتعاطف مع ذوات الأصول الأفريقية، من أجل كسر ظهور الشخصيات العنصرية برتابة في الفيلم، إذ أنه بدلًا من ذلك فإن العلاقة التي تنشأ بين غاريت وموريس مع شتاينز تدل على أنه يمكن للحلفاء الفشل أيضًا رغم نواياهم الحسنة.

تقول كاستيلو إنه على الرغم من نجاح ماكي بدور غاريت الذي كانت لديه “ملامح قاسية”، فإن الفيلم لم يمنحه المساحة الكافية لإثارة “الغضب المكبوت” داخله في بعض الأوقات، بينما ظهر جاكسون بشخصية موريس رجل الأعمال “النذل” في معظم المشاهد، فقد قدم الفيلم لمحة عن الطريقة التي يتعامل بها ماكي مع جاسكون بشأن القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها الأمريكيين من أصول أفريقية، والتي تضاف لحليفهم شتاينز (هولت) الذي كان عليه أن يتعلم كيف يمكنه التصرف كرجل أعمال من الساحل الشرقي، وهو ما يقدم نظرة عميقة على تأثر الطبقات الاجتماعية بعالم المال والأعمال.

أما بالنسبة للممثلة نيا لونغ التي لعبت دور يونيس غاريت زوجة غاريت الأولى خلال تلك الفترة، فإنها على الرغم من ظهورها تساعد الثلاثة في مخططاتهم في بعض المشاهد، إلا أنها ظهرت بشخصية ثانوية كان هدفها “استعراض مجموعة الأزياء” التي صممتها عائشة لي للفيلم، لكن ذلك لا يمنع كاستيلو من القول إن الفيلم “يتمتع بمظهر وإحساس” أفلام السيرة الذاتية التي يعشقها الجمهور، مشيرة إلى أن الفيلم يخفي الكثير من الحياة الشخصية لغاريت، بينما يعيد كتابة أجزاء من تاريخه الشخصي عندما كان متزوجًا من يونيس.

لكن ماذا عن مزاعم التحرش التي رافقت الفيلم؟

كان واضحًا أن آبل اصطدمت قبل إطلاقها العرض الأول للفيلم باتهامات التحرش التي وجهت لأحد منتجي الفيلم، والتي أشار إليها موقع هوليوود ريبورتر الإلكتروني في تقرير نشر في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2019، والمرتبطة بتوجيه سينثيا وشيلا غاريت اتهامات بالتحرش الجنسي لأخيهما غير الشقيق برنارد غاريت الابن، أحد المشاركين في إنتاج المصرفي، وبحسب ما نقل الموقع الإلكتروني فإن غاريت الابن تحرش بأختيه غير الشقيقات لعدة سنوات عندما كان يقيم معهما في المنزل نفسه.

من جهتها ردت آبل على اتهامات الشقيقتين في بيان أشار مضمونه إلى أنها قامت بشراء المصرفي في منتصف العام 2019، بعد تأثرها بقصة الفيلم المرتبطة بـ”التغيير الاجتماعي والتثقيف المالي”، وأضاف التقرير حينها بأن منتجي المصرفي اتصلوا بسينثيا غاريت يعرضون عليها مناقشة مخاوفها من عرض الفيلم، وأضافوا بأنهم سيبدلون وصف الفيلم إلى “مستوحى من أحداث حقيقية”، وهو ما يبدو موافقة من الشقيقتين على عرض الفيلم بعد حذف اسم غاريت الابن من قائمة المشاركين في إنتاج المصرفي.


مينا سبوت

التاريخ: 8 مارس 2021










الرابط المختصر: