يرى الناقد روس بونايمي في مراجعته لفيلم “John Wick: Chapter 4” المنشورة في موقع collider أن كيانو ريفز والمخرج تشاد ستاهلسكي تفوقا على نفسيهما في هذا الفيلم.
يبدأ فيلم “John Wick: Chapter 4” بلكمة قوية وأصوات عالية جدًا مما يجعل الجمهور يستقيم في مقعده، وبعد تلك اللكمة، نحصل على لكمات كثيرة، وعلى الرغم من توقعنا لكل لكمة قادمة، إلا أن تأثيرها لا يتلاشى أبدًا، حيث يستعد جون ويك (كيانو ريفز)، المعروف أيضًا باسم “بابا ياغا” لمعركة أخرى، وهو الشيء نفسه الذي ينطبق على سلسلة أفلام “John Wick” التي بدأت منذ نحو عقد من الزمن بفيلم حركة متوسط الميزانية، لكنه حقق نجاحًا كبيرًا بفضل بعض المعارك الأكثر شراسة وجنونًا في تاريخ السينما الحديثة، مستمرًا بزيادة المخاطر مع كل فيلم جديد.
وعلى الرغم من أن جون ويك يعتبر مصدرًا موثوقًا لبعض من أفضل مشاهد الحركة في القرن الـ21، إلا أنه حتى الآن يمكن القول فقط إن هذه السلسلة تستمر مع هذا الفيلم دون تكرار مشاهد من الأجزاء السابقة أو الذهاب إلى تقديم نسخة أكثر طولًا ومهزلة قد تضعفها. إذ إنه على الأغلب أُعيد استخدام بعض أفكار الأفلام السابقة في “John Wick: Chapter 3 – Parabellum” الذي صدر عام 2019، والتي اختلفت بأسلحة جديدة وأضواء نيون لإنارة أماكن المعارك. فقد منحنا ستاهلسكي بالاشتراك مع الكاتبين شاي هتان ومايكل فينش في النصف الأول لـ”John Wick: Chapter 4″ افتتاحية كأنها واحدة من أفضل مشاهد القتال التي شاهدناها سابقًا، ولكن مع المزيد من الدماء (حرفيًا ومجازيًا). أما النصف الثاني فإنه يبدو جديدًا بالكامل، مقدمًا أفضل وأكثر المشاهد إثارة لهذه السلسلة السينمائية حتى الآن.
حتى الآن يمكن القول فقط إن هذه السلسلة تستمر مع هذا الفيلم دون تكرار مشاهد من الأجزاء السابقة أو الذهاب إلى تقديم نسخة أكثر طولًا ومهزلة قد تضعفها
يحافظ الجزء الرابع لهذه السلسلة على الحبكة الدرامية والحد الأدنى للقصة حتى الآن، حيث يخوض جون ويك معركته ضد منظمة الجريمة “الطاولة العليا” (The High Table) محاولًا الخروج من تحت سلطتهم. فهو يتوجه في المشهد الافتتاحي إلى المغرب لقتل إلدر (جورج جورجيو)، مما يجعل الماركيز فينسينت دي جرامونت (بيل سكارسجارد) ينطلق في مطاردة قوية خلفه، وهو عضو رفيع المستوى في “الطاولة العليا”، ليبدأ ويك مهمة جديدة لشق الطريق نحو حريته تجعله يتنقل في مدن مختلفة حول العالم، يقابل فيها أصدقائه القدامى ويتعرّف على أعداء جدد.
من المفهوم أن يشعر الجمهور ببعض القلق بشأن كيفية التعامل مع هذه القصة في النصف الأول من الفيلم، خاصة مع مدة الفيلم التي تبلغ نحو ثلاث ساعات، حيث تذكرنا بعض المعارك أحيانًا بتلك الموجودة في الأفلام السابقة، نظرًا لأن النصف الأول يقضي وقتًا طويلًا في الإعداد لمشاهد “الطاولة العليا”. لكن وعلى الرغم من ذلك، يعرف ستاهلسكي كيف يعيد تنشيط مشاهد القتال المتسلسلة بطريقة جيدة.
تُذكرنا إحدى المعارك التي حدثت مبكرًا في أوساكا بالعديد من المعارك الأخرى التي تدور بين ألواح زجاجية كبيرة على أرضية شبه فارغة في أحد المباني، ومع ذلك، فإن هذا يتبادر إلى الذهن بشكل عابر فقط، نظرًا لوجود أدوات وشخصيات جديدة، من بينها القاتل الكفيف كين (دوني ين) الذي كلفته “الطاولة العليا” بقتل ويك، بالإضافة إلى شيمازو كوجي (هيرويوكي سانادا)، وهو مدير فندق الكونتننتال في أوساكا، وابنته كونسيرج أكيرا (رينا ساواياما)، اللذان قد يكونان أفضل إضافة إلى هذه السلسلة حتى الآن، وفي هذا المشهد يحصل ويك على الننشاكو، وهو أكثر من كاف.
المشهد الأكثر إثارة للتساؤل بعض الشيء، هو الذي يظهر في وقت لاحق، ويتمحور حول كيلا (سكوت آدكنز) زعيم “الطاولة العليا” في ألمانيا، فهو يرتدي بدلة بدينة بدو سبب محدد، بخلاف أن شخصًا ما ضحك عليه لجعله يقبض على ويك بمفرده، وهنا تدور المعركة أيضًا في ملهى ليلي، ما يذكرنا بالجزء الأول، لكنه لا يترك تأثير المعارك نفسها في الفيلم.
يبدو مقصودًا هذا النوع من إعادة النظر في أجزاء من الماضي، ليس فقط كدليل على خدمة جمهور السلسلة، ولكن تقريبًا كاحتفال بهذه السلسلة بعد ما يقرب مرور عقد من الزمن. قد لا تبدو هذه الاستعارات مألوفة لأولئك الذين شاهدوا الأفلام السابقة في المسارح لمرة واحدة فقط، ولكنها بالنسبة لأولئك الذين يحبون هذه السلسلة، فإن الإشارة إلى الأفلام الأخرى في هذا الفيلم تبدو هادفة، هذا لأن “John Wick: Chapter 4” يشعر بشكل عام أن هذا الجزء يقول وداعًا لعالم جون ويك، وقرر فعل ذلك بأسلوب أنيق.

تظهر المشاهد الأكثر جنونًا في النصف الأخير لهذا الفيلم، وليس من المبالغة القول فقط إن “John Wick: Chapter 4” ينتهي بواحدة من أكثر الحبكات إثارة للإعجاب بين جميع أفلام السلسلة، بل إنها من أفضل مشاهد الحركة في ذاكرة السينما الحديثة. إذ إنه من الناحية السردية، يعيد الجزء الرابع الإمساك بزمام الأمور أكثر مما شاهدناه سابقًا، ومع ذلك يعرف ستاهلسكي كيف يزيد الرهان بطريقة مروعة، فإذا أضاف السكاكين والكلاب إلى القصة في الجزء الثالث، فإنه في الجزء الرابع يضيف حوادث السيارات، وبعض الأحداث الأكثر عبثًا لإصابة ويك، ومع ذلك لا يزال على قيد الحياة.
يستمتع ستاهلسكي بمنطق وأسلوب لعبة الفيديو لهذا الفيلم، فهو يضع ويك في مهام مختلفة تجعله يلتقي بالرؤساء الصغار، أو في معارك تبدو مثل ألعاب الفيديو، من ضمنها مثلًا معركة النادي المذكورة أعلاه، إذ كأن ويك وكيلا يقاتلان ضمن مستوى لعبة “ستريت فايتر” على الرغم من أن الناس يرقصون في كل مكان من حولهم، كما يشعر الجمهور بمشهد واحد مماثل يدور أمام بناء قوس النصر في فرنسا، ولكنه كان مشهدًا جيدًا، حتى في مشهد آخر قريب من نهاية الفيلم يبدو كما لو أن ستاهلسكي قد وضع ويك في إحدى لعبتي “سماش تي في” أو “هوتلاين ميامي”.
من بين أجزاء السلسلة السابقة، يقوم الجزء الرابع بأفضل وظيفة حتى الآن لبناء عالم ويك بطريقة لا تزيد من تعقيد أو تجاوز السرد الذي يقدمه، نظرًا للحفاظ على غموض “الطاولة العليا” بشكل متعمّد، كما ينبغي لها أن تكون على الأرجح، لأنها تضيف المؤامرات لهذه المجموعة الغامضة. كما لا يزال من دواعي سرورنا أن نشاهد أصدقاء ويك الذين اعتدنا عليهم، مثل وينستون (إيان ماكشين)، وبوري كينغ (لورانس فيشبورن)، بالإضافة إلى الشخصيات الجديدة في هذا العالم، خاصة سواياما (أكيرا) التي يمثل مشاهدتها تقاتل إلى جانب ويك إضافة رائعة تجعلنا نتمنى أن تستمر في السلسلة.
يبدو مقصودًا هذا النوع من إعادة النظر في أجزاء من الماضي، ليس فقط كدليل على خدمة جمهور السلسلة، ولكن تقريبًا كاحتفال بهذه السلسلة بعد ما يقرب مرور عقد من الزمن
ويعد سكارسجارد (دي جرامونت) شريرًا مثاليًا للقصة أيضًا، وهو مهتم بتطبيق القواعد والتخطيط أكثر من القتال، بينما يضيف دوني ين (كين) قدرًا كبيرًا من الكوميديا والرهان لقصة يمكن أن تتعثر في كثير من الأحيان في القتال المستمر. كذلك يضيف شامير أندرسون (مقتفي الأثر) المزيد من الغموض والمؤامرة لهذه القصة، فهو يذكرنا باعتماده على كلبه بشخصية صوفيا آل آزور التي لعبت دورها هالي بيري في الجزء الثالث.
ومع ذلك، يبقى ريفز بارعًا في لعب شخصية ويك، ويعود الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى أن هذه السلسلة واحدة من أفضل سلاسل أفلام الحركة على الإطلاق. لا يستطيع ريفز توجيه الضربات بمختلف الطرق التي يمكن تخيلها، إلا أن تنفيذه لتوجيه الضربات غالبًا ما يكون مضحكًا للغاية، وعلى الرغم من أنه رجل قليل الكلام، إلا نص هتان وفينش يستفيد من هذه الميزة كثيرًا، ويذكرنا لماذا بدأ ويك هذه المعركة في المقام الأول.
فيلم “John Wick: Chapter 4” الذي يمتد لنحو ثلاث ساعات من التسلية التي تتجاوز فترة الترحيب به، يبدو فيلمًا مضحكًا وساخرًا، بينما يستمر ستاهلسكي في إيجاد طرق جديدة لمنع هذه السلسلة من ألا يكون لها معنى، حيثُ يدفع الطموح الجزء الرابع إلى حافة الهاوية. ومع ذلك فإن قصة الجزء الرابع تنتهي مع بعض من أكثر مشاهد الحركة العبثية التي عرضت على الشاشة الكبيرة على الإطلاق، لكنه يوضح أنه لا يزال هناك الكثير للقيام به في هذا العالم. نعم، وأعتقد أن عودة جون ويك كانت أفضل من أي وقت مضى.