ظهرت الأرملة السوداء/Black Widow إلى الجمهور لأول مرة من خلال فيلم الرجل الحديدي2/Iron man2 عام 2010. العميلة الروسية ناتاشا رومانوف التي أصبحت لاحقًا جاسوسة تعمل لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، والتي لعبت دورها الممثلة سكارليت جوهانسون، تقابل توني ستارك أو ما يعرف بالرجل الحديدي (يؤدي دوره روبرت داوني جونيور)، حيث كان يتمرّن في حلبة الملاكمة مع موظفّه هابي هوغان (يؤدي دوره جون فافيرو) مخرج الفيلم، عندما عرض الأخير على ناتاشا بتنازل تدريبها على الملاكمة، فقامت بخلع حذاءها ذو الكعب العالي، وتسللت إلى منتصف الحلبة ثم قامت بطرحه أرضًا، والمفاجأة أن هذه المرأة الرشيقة بشكل لا يصدق تستطيع القتال.
لكن اللحظة التي أثارت حفيظة الجماهير فعلًا بعد هزيمة ناتاشا لهابي، عندما يلتفت ستارك إلى مساعدته بيبر بوتس التي أصبحت حبيبته لاحقًا (تؤدي دورها جوينيث بالترو)، ويسألها: “من هي؟”، وتردّ بيبر: “من المحتمل أنها دعوى تحرش جنسي قضائية باهظة الثمن”، يقول ستارك ممازحًا بعد بحثه عن صور لناتاشا في الثياب الداخلية: “أريد واحدة”، كما تشير الكاتبة إليانا دوكترمان في مقالها المنشور في مجلة تايم الأمريكية.
إذ أن، هذا الحوار لم يعجب نائبة الرئيس التنفيذي لاستوديوهات مارفل فيكتوريا ألونسو، والتي كانت مساعدة منتج في الفيلم، فتقول: “أزعجتني الجملة في ذلك الحين وتزعجني الآن أيضًا”، وتضيف: “أذكر نفسي أفكّر أنها ليست شيء!”، وكيف يكون ذلك لائقًا أن يرى العالم امرأة جذّابة بسبب جمالها، أن ذلك كل ما عليها تقديمه، ويبدو ذلك المشهد من بقايا ما قبل حملة أنا أيضًا الهوليوودية المناهضة للتحرش ضد النساء.
بعد المعاناة من الإذلال اللامتناهي في تسعة أفلام سابقة، تقود “الأرملة السوداء” الآن فيلمًا يحارب بشكل مباشر أكثر الأشياء التي اضطهدتها: التحيز الجنسي، تجسيد النساء، والإتجار بالبشر
كانت حينها هوليوود مختلفة ومارفل كذلك، حيث تصدّر لعشر سنوات العدد الأكبر من أفلام مارفل رجال ببشرة بيضاء باسم كريس، أكثر من النساء والرجال غير البيض مجتمعين، واستغرق الأمر 17 فيلمًا من عالم مارفل السينمائي لتقديم شخصية أنثى شريرة (كيت بلانكيت في فيلم ثور: راغناروك 2017)، و21 فيلمًا لظهور فيلم ببطولة امرأة (بري لارسون في فيلم كابتن مارفل 2019)، والآن بعد 11 عامًا من ظهورها على الشاشة، أول شخصية أنثى رئيسية في عالم مارفل تنال فيلمًا خاصًا بها.
فيلم “الأرملة السوداء”، الذي عرض في التاسع من يوليو/تموز في صالات العرض وعلى منصة ديزني بلس، هو رفض لخلفية القصة الرئيسية، بعد المعاناة من الإذلال اللامتناهي في تسعة أفلام سابقة، على أنها فقط امرأة مغرية، يتم التحديق إليها كأنها شيء، ووصفت نفسها بـ”الوحش” بسبب إصابتها بالعقم؛ تقود “الأرملة السوداء” الآن فيلمًا يحارب بشكل مباشر أكثر الأشياء التي اضطهدتها: التحيز الجنسي، تجسيد النساء، والإتجار بالبشر.
بإخراج كيت شورتلاند، أول مخرجة أنثى منفردة لفيلم في عالم مارفل السينمائي، وفّر فيلم “الأرملة السوداء” مساحة عمل تسيطر عليها الإناث. إنه أيضًا فيلم رائع، كونه فيلمًا جاسوسيًا مشوّقًا يشدّ الأعصاب. وبعد مشاهدته عند إصداره تخيّلت رؤية امرأة تقود أحد أفلام “جيمس بوند” أو “المهمة المستحيلة”. وعلى الرغم من وجود جهود مسبقة لإصدار أفلام إثارة أبطالها فرق إناث مثل أفلام الطيور الجارحة/Birds of Prey والمدمر: مصير حالك/Terminator: Dark Fate لكن نادرًا ما نُفذّت بشكل جيد.
يدين إعادة تصميم الشخصية في هذا الفيلم كثيرًا إلى المرأة التي ابتكرت دور شخصية “الأرملة السوداء”، فعلى مدار السنوات كافحت جوهانسون لتطوير نفسها إلى إنسانة مدركة بالكامل، وساعدت على تحسين صورة ناتاشا خلال الأفلام التي ظهرت شخصيتها فيها، على الرغم من عدم مشاركة أي كاتبة سيناريو أنثى في شخصية “الأرملة السوداء” حتى الآن.
صرّحت جوهانسون المنتج المنفذ لفيلم “الأرملة السوداء” قبل تأجيل عرض الفيلم في مارس/آذار 2020، بسبب جائحة كوفيد-19: “تم سؤالي بشكل متكرر عن سبب عدم إنتاج الفيلم قبل 10 سنوات مضت، وكنت أقول إنه من غير الممكن، لم يكن المناخ مناسبًا لذلك، ولم أكن قادرة على محادثة المخرج حول التحيّز الجنسي وإمكانية ترجمته بالفعل على الشاشة”.
عادةً كان يتم تقديم أبطال عالم مارفل السينمائي بأفلام منفردة قبل انضمامهم إلى فريق المنتقمون/ The Avengers ، حيث وصلت النسخة الأكثر تطوّرًا من “الأرملة السوداء” متأخرة وبوقت غريب، بعد موتها في فيلم المنتقمون: نهاية اللعبة/ Avengers: Endgame؛ ظهور جوهانسون الأول ويبدو أنه الأخير في فيلم بطولة مطلقة، كأنه تكريم حلوُ ومرُ لشخصية مهدّت الطريق للعديد من النساء اللواتي تُسلّط مارفل الضوء عليهنّ.
يعتبر استثمار هوليوود في أفلام الأكشن والأبطال الخارقين التي تقودها النساء ظاهرة حديثة بشكل محرج، حتى في السنوات بعد تصدّر أفلام أبطالها من النساء مثل The Hunger Games/ألعاب الجوع ومملكة الثلج/Frozen اللذان حطما أرقام شباك التذاكر، وتجادل أولونسو بأن التحيزات الراسخة أعاقت النضال نحو تمثيل النساء في الأفلام، وتضيف بأنه “كان هنالك خرافة بأن قصص النساء غير تسويقية”، و”الأبطال الخارقون لا يمكن أن يكونوا نساءً”. وتضيف: “كان علينا إزالة الغموض حول تلك الخرافات التي شكّلت واحدًا من أساسات هوليوود”.
تلك لم تكن مفاهيم مستترة الوجود، فقد كشفت تسربيات البريد الإلكتروني لشركة سوني عام 2014 عن رسائل بعنوان “أفلام نسائية” تم إرسالها بواسطة الرئيس التنفيذي لشركة مارفل إسحق بيرلموتر، يناقش فيه أن مثل هذه المشاريع غير قابلة للتمويل، وانتشر هذا البريد الإلكتروني في الوقت ذاته الذي بدأ فيه المعجبين بالضغط من أجل إنتاج فيلم “الأرملة السوداء”، ولكنها ظلّت شخصية مساعدة وليست رئيسية، وتقول جوهانسون إنه تم استخدامها في البداية كبيدق شطرنج لمصلحة رفاقها الذكور. ولكن في تلك السنين قبل ظهور المرأة الخارقة/Wonder Woman، وكابتن مارفل، تشبّث معجبو أفلام النسوية بأخطاءها وكل ما يتعلق بها، حيث كانت “الأرملة السوداء” كل ما يملكون.
عندما يتعلق الأمر بكسر هذا الحاجز أمام النساء، كانت شركة إنتاج ورنر بروس السباقة لذلك، من خلال تحطيم الأرقام القياسية لشبّاك التذاكر مع ظهور فيلم المرأة الخارقة ببطولة فردية لأنثى عام 2017. الشخصية لديها 75 عامًا من التاريخ المعقد، وأصبحت المرأة الخارقة أيقونة نسائية، محاربة، مسالمة، ورمزًا جنسيًا. ولأن أول قصة مصورة لتلك الشخصية كتبت عام 1940، ظهرت في الكثير من صور العبودية، وركّزت قوة الشخصية على الجانب الجنسي لها.
يعتبر استثمار هوليوود في أفلام الأكشن والأبطال الخارقين التي تقودها النساء ظاهرة حديثة بشكل محرج، حتى في السنوات بعد تصدّر أفلام أبطالها من النساء
الضغط على جينكينيز لإرضاء جماهير متعطشين لفيلم بطلة خارقة أنثى بجودة عالية، للمحافظة على القصة الأصلية من الكتب المصورة التي كانت متحيزة جنسيًا تارةً وثورية تارة أخرى، وغالبًا كان تحقيق الأرباح في شبّاك التذاكر هائلًا. أنقذت مارفل نفسها من عبء إثبات قدرة الأبطال الخارقات على العمل.
امتلكت مارفل أيضًا بعض الوقت للتعامل مع خلفية شخصية “الأرملة السوداء”، مثل المرأة الخارقة، كان لدى ناتاشا خلفية متعلقة بحياتها الجنسية: في أول قصة مصورة ظهرت فيها كانت تحاول إغراء توني ستارك، وأمضت معظم وقتها في بدايات القصص المصورة تلاحق شخصية عين الصقر (Hawkeye)؛ ناتاشا هي واحدة من العديد من الأرامل الجاسوسات الروسيات اللواتي تدربنّ على فنون القتال والإغراء (ما توحيه أفلام الأرملة السوداء بشدة)، وعندما ظهرت لأول مرة على الشاشة في فيلم الرجل الحديدي 2، كانت قد تركت تلك الحياة خلفها، ولكن ما زالت نظرات الإغراء أحد أسلحتها.
في أول مشهد لها في الجزء الأول من سلسلة أفلام “المنتقمون”، كانت مقيّدة على كرسي يتم استجوابها من قبل أفراد سيئين، وتلعب دور المهزوم بثياب كاشفة، إلى أن تقوم بالكشف عن شخصيتها وتطيحهم أرضًا بينما ما تزال معاصمها مقيدة.
في فيلم المنتقمون: عصر ألترون/Avengers: Age of Ultron، تبدأ ناتاشا علاقة غرامية مع بروس بانر، أو ما يعرف بهالك (يؤدي دوره الممثل مارك روفالو)، رغم أنه كان من المفترض حينها أن تمنح القصة جوهانسون فرصة لاستكشاف الشخصية بشكل أكبر، لكن الممثلة تلاحظ أن خط الحبكة يعتمد مرة أخرى على رغبة رجل آخر.
بما يتعلق بشعور بانر بالنقص بسبب تحوله إلى وحش أخضر في هذا الفيلم، وصفت ناتاشا نفسها بـ”الوحش” بسبب إجبارها على استئصال الرحم وعدم قدرتها على الإنجاب. أثارت تلك الجملة غضب المتابعين الذين استدعوا المخرج جوس ويدن على تويتر، وغادر المنصة بعد فترة وجيزة على الرغم من إبلاغه موقع بازفيد أن رحيله لم يكن له علاقة بالردود السلبية وأن “النسويات المناضلات” كنّ دائمًا ينتقدن عمله، تم اتهام ويدن بسلوك التنمر خاصة اتجاه النساء والممثلات والممثلين من ذوي البشرة السوداء والملونة، والسكان الأصليين.
تم تصميم الشخصية بناءً على نظرة الذكور لها، حتى في الطريقة التي تتحرك بها، والثياب التي ترتديها، كان ذلك مفيدًا كنقطة انطلاق، لكنها لم تكن ما كانت عليه حقًا.
إن معاملة “الأرملة السوداء” بتلك الطريقة لم تقتصر فقط على نصوص الأفلام فقط، ففي الجولة الصحفية للجزء الثاني من سلسلة “المنتقمون”، تم سؤال كريس إيفانز (يؤدي دور كابتن أمريكا) وجيريمي رينير (يؤدي دور عين الصقر) عن تاريخ “الأرملة السوداء” العاطفي، فكانت تغازل شخصية “عين الصقر”، “الرجل الحديدي”، “كابتن أميركا” و”هالك” خلال عدة أفلام، فأجابوا ممازحين بأن الشخصية كانت “عاهرة”، مما أثار موجة غضب على الإنترنت اتجاه الكراهية نحو النساء وأبطال أفلام الحركة منهم على الشاشة وخلفها، اعتذر كلا الممثلين لاحقًا.
إن مارفل بعيدة كل البعد عن الامتياز الوحيد الذي يحسب لها بتعاملها السابق مع الشخصيات النسائية وتحاول تسويق نفسها على أنها مركز لرواية القصص الشاملة. وبعد عقود من الشكاوى حول فتيات بوند، تلقّى فيلم بوند هذا العام معالجة نصيّة من قبل النسوية ومؤلفة مسلسل فليباج/Fleabag فيبي والر-بريدج، أكدّت أنها لا تعتقد بأنه تم اختيارها بناءً على جنسها. حتى عندما اختارت جنكينز مخرجة فيلم المرأة الخارقة ثيابًا عملية لمحاربات الأمازون، فإن النسختين اللاحقتين من فيلم فرقة العدالة/ Justice Leagueمن إخراج زاك سنايدر وويدن على التوالي، قاما بقص الدروع لكشف المزيد من الجسد.
على ما يبدو أن مارفل أصبحت أكثر حرصًا في تعاملها مع الشخصيات النسائية، وتقول ألونسو “أعتقد بأن هنالك جهدًا مبنٍ على الضمير لعدم تجسيد النساء”، أفلام الفرق الخاصة بمارفل “المنتقمون” نمت من كونها تتألف من امرأة واحدة إلى عدة نساء. ففي الجزء الثالث من سلسلة “المنتقمون” ركزت بشكل كبير على العلاقة ما بين زوي سالدانا (تؤدي دور غامورا)، وكارين جيلان (تؤدي دور نيبيولا) مع والدهما بالتبني جوش برولين (يؤدي دور ثانوس).
إن مارفل بعيدة كل البعد عن الامتياز الوحيد الذي يحسب لها بتعاملها السابق مع الشخصيات النسائية وتحاول تسويق نفسها على أنها مركز لرواية القصص الشاملة
ومع ذلك، ما زال يتم إظهار البطلات الخارقات النساء بأحذية كعب عالٍ غير عملية وثياب ضيقة. وتدّعي ألونسو بأن مارفل تتعرض لانتقادات أكبر بسبب تجسيدها للرجال بمشاهدهم من دون قمصان أكثر من النساء. وتضيف: “من الصعب تخيّل إمكانية ذلك”، رغم ذلك فإنه من العدل افتراض أن أي هجوم من هذا النوع المتعلق بالمعايير المزدوجة المتحيزة جنسيًا في المجتمع أكثر من كون مارفل لديها سجل حافل من التجسيد مع الرجال أكثر من النساء.
إن كيت شورتلاند لم تشاهد كافة أفلام مارفل قبل توقيعها العقد لإخراج فيلم “الأرملة السوداء”، عادة تقوم بكتابة قصص خلفية عن شخصياتها، لكنها وجدت خلفية شخصية ناتاشا رومانوف ناقصة، وتقول شورتلاند إنها شخصية تم إنشاؤها وفقًا لنظرة الذكور لها. اخترعت تاريخًا لها يتجاوز ما هو موجود في النص، وناقشت مع جوهانسون كيف سيكون شكل ناتاشا عندما تكبر في روسيا وهي تشهد تفكك الاتحاد السوفييتي.
“الأرملة السوداء” تبدأ مع طفولة ناتاشا، التي كان من السهل دخولها في مسلسلات جاسوسية الحرب الباردة مثل مسلسل الأميركيون/ The Americans، ووالديها جواسيس متخفيين في ولاية أوهايو الأمريكية. وفي المشهد الافتتاحي المثير للفيلم، يرى الجمهور ناتاشا كطفلة صغيرة مختلفة عن تلك التي رأيناها من قبل، امرأة قاتلة وباردة، كامرأة بالغة كانت ترتدي أحذية قتالية وبزّة جلدية أكثر من الثياب العادية، وفي الحالتين يتم التعامل معها بوحشية وتتلقى ضربات عنيفة، وقلّة من المخرجين من يقبلون عرض ذلك في مشاهد المشاجرة بين النساء في الأفلام.
نظراً لأن بقية أبطال مارفل ينمّون بشكل كبير جدًا، ناتاشا ظلّت كما هي منذ البداية. ليس لديها أي قوى خارقة، عندما كانت ناتاشا وشقيقتها يلينا يحاولنّ إصلاح الأمور فيما بينهنّ، أشارت يلينا إلى أن المنتقمون الكبار مثل الإله ثور ليسوا بحاجة إلى تناول دواء إيبوبروفين بعد المعركة.
انقاد “الأرملة السوداء” بهذه العلاقة المشحونة بين الأخوات، وتبدأ أحداث الفيلم بعد أحداث كابتن أميركا: الحرب الأهلية/ Captain America: Civil War عندما تكون ناتاشا هاربة من الحكومة الأمريكية، ونجدها تسعى للكشف عن أسرار طفولتها خلال إقامتها مع عملاء متنكرين على أنهم عائلتها. وتلعب دور أختها الصغرى الممثلة فلورنس بيو، وريتشل وايز تؤدي دور الأم المتسلطة الذكية، والرجل الوحيد بصفة الأب يلعب دوره الممثل ديفيد هاربور.
لعلّ أكبر منعطف في هذا الفيلم كان الطريقة التي تم التعامل بها مع عقم الشخصية، وتقول شورتلاند: “أنا وفيكتوريا ألونسو أمهات بالتبني”، لقد “أردنا التحدث عن أن عدم إمكانيتكِ إنجاب الأطفال لا يعني أنكِ أقلّ شأًنا، أردنا تمكينها”. وتجري ناتاشا ويلينا حوارًا حول الأطفال (أي عدم وجودهم)، ومستقبلهم وحياتهم المهنية، حتى أنهم يلقون النكات حول عملية استئصال الرحم، التي من غير المرجح أنها كانت مضحكة بالنسبة لهم.
عندما تكلّمت لأول مرة مع جوهانسون في مارس/آذار عام 2020، كان من المفترض أن تكون سنة مميزة للمخرجات النساء. كانت مارفل ما تزال نادرًا ما تمنح النساء فرصة لقيادة ملاحم أفلام الحركة، لكن كان من المقرر في العام الماضي أن يشهدوا إطلاق أفلام “الأرملة السوداء”، “المرأة الخارقة 1984″، مولان/Mulan والأبديون/ The Eternals ، والوعد بفرص أكثر إنصافًا كان يأتي بثماره. بدلًا من ذلك دفعت جائحة كوفيد-19 تلك الأفلام لإطلاقها بصورة هجينة أو تم تأجيلها لغاية هذا العام.
تعتقد جوهانسون – التي مثّلت في أفلام حركة يهيمن عليها الرجال – أن المخرجة بإمكانها تغيير مسار الفلم بالكامل، وتنسب الفضل بذلك إلى شورتلاند التي قامت باستجواب عميق لنقاط ضعف الشخصية ودوافعها، وتقول جوهانسون: “هذا الفضول، لن أقول إنهم إناث فقط لكنني أظن حقًا أنهم إناثُ بطبيعتهن”.
وبشكل متزايد، على الرغم من انتكاسات الوباء، يتم استغلال المؤلفات الواعدات بواسطة آلة الامتياز التجاري. حقق فيلم كابتن مارفل/ Captain Marvel عام 2019 الذي شارك في إخراجه امرأة ورجل هما، آنا بودين وريان فليك، أرباحًا تقدر بـ 1.1 مليار دولار أمريكي. الحائزة على جائزة الأوسكار عن فيلم رحالة/ Nomadland المخرجة كلوي تشاو لم تكن معروفة بعد عندما وقعت لإخراج فيلم “الأبديون” من بطولة أنجلينا جولي. اختار الاستوديو أيضاً المخرجة نيا داكوستا لقيادة الجزء الثاني من سلسلة أفلام “كابتن مارفل” والذي سيمثّل مجموعة من البطلات الخارقات، ومخرجة فيلم مثقف/Booksmart أوليفيا وايلد ستخرج النسخة النسائية في من فيلم “الرجل العنكبوت”، وستعود المخرجة جينكينز في الجزء الثالث من سلسلة أفلام “المرأة الخارقة”.
إن توسع مارفل إلى التلفزيون عبر منصة ديزني بلس سيزيد من فرص رواية قصص النساء، ويمثل ظهور مسلسل واندا فيجن/ Wanda Vision لأول مرة في شهر يناير/كانون الأول قفزة إلى الأمام في سرد القصص المرتكزة على النساء، كما استبدلت فصل واندا ماكسيموف (تؤدي دورها إلزابيث أولسن)، العضو الرابع عشر في فريق “المنتقمون”. تم تمثيل الشخصية بأن لديها مشكلة في السيطرة على قوتها، وهي سمة تنحرف إلى الصورة النمطية حول النساء العاطفيات اللاتي لا يستطعن إلا تدمير كل شيء من حولهنّ، لكن المسلسل قدّم لنا واندا بشكل مختلف ينعرج على المشاعر ويقدم لنا أطروحة عن الحزن والصحة العقلية.
يبدو أن استوديوهات مارفل قررت تحويل عيوبها إلى نقاط قوة، فبعد قلة ظهور ناتالي بورتمان بشخصية جين حبيبة ثور، تمت ترقيتها لتصبح إله الرعد الأنثى في فيلم “ثور: حب ورعد”
يبدو أن استوديوهات مارفل قررت تحويل عيوبها إلى نقاط قوة، فبعد قلة ظهور ناتالي بورتمان بشخصية جين حبيبة ثور، تمت ترقيتها لتصبح إله الرعد الأنثى في فيلم ثور: حب ورعد/ Thor: Love and Thunder. عندما وضعت المخرجة تايكا وايتيتي مطرقة على ناتالي في مهرجان “سان دييغو كومك كون الدولي” عام 2019، فتقبلتها بابتسامة متكلفة وصرخت قائلة: “إنها مسألة وقت”.
سواء أكان الدافع شجاعةً أو خجلًا، أو خليطًا بين الاثنين، فإن هذه الرغبة بالعودة إلى ماضيها المتقلب أمر مهم في مرحلة مارفل القادمة. وفي مرحلة ما خلال فيلم “الأرملة السوداء”، تكون فيها ناتاشا على الأرضية بأقدام متباعدة، وتنظر إلى الكاميرا بإغراء. كانت تلك النظرة موجودة منذ حقبة الرجل الحديدي، وهو خيال ذكوري صارخ لكيفية قتال المرأة.
تقول شورتلاند “لقد قررت أن أكون حريصة في ذلك”، تقول شقيقتها: “أنت متصنعة، بالطريقة التي تتحركين بها، ليست حقيقية، لمن تقومين ذلك؟”، كما نشير إلى ذلك بالسماح للجمهور ليكون واعيًا لما كانوا قد شاهدوه من قبل وما يشاهدوه الآن؛ لا تزال جوهانسون تقوم بتلك النظرة المغرية.
لكن هنالك وعد غير معلن بأن شخصيات مثل بيو والآخرون الذين سيضافون إلى قائمة أبطال عالم مارفل السينمائي، مثل “عين الصقر” الأنثى، والمراهقة المسلمة الآنسة مارفل، والقلب الحديدي خليفة الرجل الحديدي، أن يزيلوا التوقعات التي أثقلت كاهل شخصية الأرملة السوداء وتضع معيارًا للتمكين الحقيقي للمرأة في الفصل الثاني من عالم مارفل السينمائي.