لا يُقهر/Invincible مسلسل جديد يُبث على قناة أمازون برايم فيديو في حلقة ساعيّة أسبوعيًا، وهو عمل درامي من الرسوم المتحركة بمحتوى عن الأبطال الخارقين، وكما يبدو يتضمن مسلسل لا يُقهر عنف مسلسل الرفاق/The Boys، مع هيكل السرد القصصي لدراما نيتفلكس، ومظهر الرسوم المتحركة لمسلسل إكس مان/ X-Men في التسعينيات، وفقًا لما جاء في مقدمة مراجعة الكاتبة كاثرين فان ارندونك التي نشرتها مجلة فولتشر حول مسلسل لا يُقهر، وقام موقع مينا سبوت بنقلها إلى العربية بتصرف.
مسلسل لا يُقهر مبني على سلسلة القصص المصوّرة التي تحمل الاسم نفسه والمؤلفة من قِبل الكاتبين روبرت كيركمان وكوري ووكر؛ يعتبر المسلسل التلفزيوني دخول آخر مشوّق ومثير للاهتمام إلى مجموعة الأفلام والبرامج التلفزيونية المشهورة والمتزايدة التي تريد أن تأخذ بطريقة أو بأخرى فكرة الأبطال الخارقين بجدية، وفي الواقع هناك العديد من الطرق تفسّر لنا ما الذي تعنيه بالضبط كلمة “الجدّية”، وبالنسبة لمحتوى الأبطال الخارقين الخيارات عادةً ما تتمثل إما بالميزانيات الضخمة، أو مواضيع للبالغين، أو أعمال فنية جريئة ودموية، وقد تتمثل الجدّية في شيء يشبه “الواقعية النفسية”، وهو افتراض أساسي يقول بأن الأبطال الخارقين يمكن أن يكونوا أناسًا لديهم دوافع متفاوتة، أحقاد تافهة، رغبات بشرية بسيطة.. أي يعيشون ضمن الواقع الذي يعيشه البشر العاديين ويتأثرون نفسيًا به.
لذلك نجد أن مسلسل لا يُقهر يهتم بالعديد من هذه المناهج والطرق، ويتضّح ذلك في قصته الأساسية التي تدور حول مراهق يدعى مارك غرايسون (مُؤدّى بصوت الممثل ستيفن إيان)، ووالده نولان (بصوت الممثل جي كي سيمونز) وهو بطل خارق قوي يدعى “أومني مان” مُستوحى من شخصية سوبرمان، وبالتالي عندما يبدأ المراهق بإظهار بعض من قوى والده الخارقة، يبقى مارك متمسكاً بالفوضى غير المريحة الناتجة عن علاقتهما المتغيّرة بدلًا من أن ينفصل عن والده وعن نمط حياته (من خلال الابتعاد أو الموت)، وهذا لا يعني أنهما أعداء أو أن أومني مان أب رهيب، لكن هذا العرض يغوص في علاقة وارتباط أكثر دقة وتفصيلًا من ذلك، وهو ما يستمر حتى بعد تقديم بعض التحولات الكبيرة والصادمة في الأحداث ضمن المسلسل.
يعتبر مسلسل لا يُقهر دخول آخر مشوّق ومثير للاهتمام إلى مجموعة الأفلام والبرامج التلفزيونية المشهورة والمتزايدة التي تريد أن تأخذ بطريقة أو بأخرى فكرة الأبطال الخارقين بجدية
هذا النوع من الأمور حقيقي وصادق طوال العرض، حيث يهتم بنفس المقدار في استعراض كل من سعي مارك المتخبّط من أجل عيش تجربة حب المراهقة ورحلة بحثه عن قواه الخارقة، والذي من الواضح أنه يتجه نحو اكتشاف كبير وصادم للذات بالنسبة لمارك، على الرغم من عدم ظهوره واكتشافه في الحلقات الثلاثة الأولى، لكن خلف علاقة مارك بوالده لا يتعمق المسلسل كثيرًا في رسم الحالات النفسية لطاقم الشخصيات الضخم فيه.
بالتالي تعتبر الميزانيات المالية الضخمة والمشاهد الدموية من الخطوات الأخرى الكبيرة لمسلسل لا يُقهر اتجاه نطاق “جدية محتوى الأبطال الخارقين”، لذلك من الجيد أن مظهر المسلسل العام بعيد كل البعد عن الحزن والسوداوية التي يمتاز بها هذا النوع من الخيال المبني على الأبطال الخارقين، ليقترب بذلك شكل العمل إلى الحد الذي تبدو فيه رسوماته مثل رسومات الكرتون الأصلية ذات الألوان الأساسية والتوهج المُحبب والحركات الكرتونية الصارخة الكبيرة (التي كانت تعرض صباح كل يوم سبت في منتصف التسعينات)، وهو ما يعد توضيحًا لمدى الدموية التي يمكنك أن تراها باستخدام درجات الألوان الساطعة والخطوط العريضة، والنتيجة أن الدماء تبدو أكثر دموية عندما تمتلئ شاشة التلفاز بجروح ذات دماء قرمزية عوضًا عن برك الدماء الداكنة التي تظهر في فيلم الرجل الوطواط.
أما بالنسبة للميزانية، ربما يكون الثقل الثقافي المُراد أكثر وضوحًا في تكتل طاقم مؤدي أصوات الشخصيات المثير للإعجاب، والذي برز بشكل كامل خلال الحلقات الثلاث من السلسلة الكرتونية، إذ هناك عدد كبير من الأبطال الخارقين في هذا العمل لدرجة جعلتني أبقي صفحة الويكيبيديا مفتوحة أمامي في جميع الأوقات خلال المشاهدة في محاولة لتتبع أصوات المؤديات والمؤدين لمعرفة من الذي أستمع إليه. فهناك جي كي سيمونز، ستيفن إيان، ساندرا أوه (في صوت والدة مارك)، زازي بيتز، مارك هاميل، جيليان جاكوبس، ماهرشالا علي، جون هام، جيسون مانتزوكاس، ماي وايتمان، سيث روغن.. والقائمة تطول بالفعل، ويرجع جزئيًا سبب العدد الهائل في الشخصيات لتحوّل في الأحداث وقع باكرًا في المسلسل، والذي لن أتكلم عنه كي لا أفسده، لكن بمجرد أن يحدث هذا التحول يصبح عدد الشخصيات والقوى والعلاقات مربكًا.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو العمل هادفًا كشكل من أشكال السرد القصصي المعقّد فالأمر لا يتعلق بمراهقة مارك فقط، فهو أيضًا يرتبط بعالم كبير من الحبكات والدوافع المتشابكة يدخل مارك إليه دون أن يعلم ما الذي سيتعامل معه؛ وفي هذا النوع من الأعمال التلفزيونية يبدو أن كل من عدد الشخصيات الكبير وقالب السرد الأوسع يجسّدان هدف الجدية كما في مسلسل لا يُقهر، وعلى الرغم من امتلائه بدراما مسلسلات نتفليكس بما في ذلك أهداف الحبكات وإيقاع الشخصيات الذي يتغير بشكل عشوائي في كل حلقة، بالمقابل توجد إشارات قُدّمت بطريقة غامضة و ذكية، مثل شارة بداية المسلسل التي اقتحمت الحلقة الأولى لتصل في لحظة مفاجئة تمامًا.
لا يرغب لا يُقهر بأن يكون مثل مسلسلات الكرتون سهلة الفهم التي كانت تعرض لمدة نصف ساعة صباح كل يوم سبت
إجمالًا هناك شيء لم يحسم أمره بعد حول مسلسل لا يُقهر، شيء يلامس عدم يقيني الذي ذُكِر سابقًا في المقدمة بشأن ما الذي يسعى هذا العمل للوصول إليه، نعم لديه بعض العنف الموجود في مسلسل الرفاق لكنه يفتقر إلى ما يملكه من قوة الشك الذي يتضمنه حول ماهية الأبطال الخارقين في المجتمع وما تعنيه مكانتهم الثقافية، غير أن لا يُقهر يحتوي على دراما مرحلة المراهقة الممتعة مثل عروض شبكة CW التلفزيونية، ويتجلى ذلك بشكل خاص في الجزء الذي يتناول حياة مارك العاطفية و تجربة المدرسة الثانوية المؤلمة، لكن على الأقل خلال أول ثلاث حلقات يصل العمل إلى دراما وصدق أقل. فهو يريد أن يحوّل الأبطال الخارقين إلى أناس عاديين من أجل جعل الجمهور وحتى الشخصيات يشككون في دور هؤلاء الخارقين ضمن المجتمع. لكنه أيضًا يسعى أن يكون هناك غزو فضائي بالإضافة إلى مستنسخين يهربون من السجن حاملين أهداف إجرامية، كما يهدف لجعلنا نتعاطف مع الخارقين الذين يقضون على الشخصيات الشريرة.
لا يرغب لا يُقهر بأن يكون مثل مسلسلات الكرتون سهلة الفهم التي كانت تعرض لمدة نصف ساعة صباح كل يوم سبت، حيث أن أسلوب الرسم النابض بالحياة لهذا العمل وأسلوب سرد الأحداث أقرب إلى دراما نتفليكس التي تصل لساعة واحدة لكل حلقة، بينما يرى البعض أن لا يُقهر لديه شيء واضح للغاية فهو يميل لأن يكون فيلم يصل لثمانية ساعات بدلًا من مسلسل مجزأ لحدث مستمر، وتكمن قدرة هذا الشكل بأنه في النهاية يلتحم في قصة رائعة وكبيرة ومجيدة، لكن الخطورة المخفية لهذا الشكل تكمن في أنها تجعل أولى الحلقات ضعيفة قليلًا، فهناك الكثير من الشخصيات تظهر هنا، والكثير من القصص التي يجب أن توضع في مكانها وترتيبها الصحيح لدرجة التي يصعب فيها على المشاهد معرفة ما الذي يجب أن يركز عليه.
وفي النهاية، إذا كانت مسلسلات الرسوم المتحركة الدرامية التي تتناول الأبطال الخارقين هي أعمال تتسم بشيء من الجاذبية فمن المحتمل أن يكون هناك على الأقل جزء معين من مسلسل لا يُقهر سوف يجذب اهتمامك.