مسلسل “الماندالوريان”.. رؤية فافيرو لأعمال الخيال العلمي

بيدرو باسكال أثناء تصوير أحد مشاهد الماندالوريان | مجلة سينماتوغراف

بعد الانتقادات التي واجهت فيلم حرب النجوم: صعود سكايووكر/Star Wars: Episode IX – The Rise of Skywalker، والذي كان الجزء الأخير من سلسلة حرب النجوم/Star Wars للخيال العلمي التي عرضت لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي، عادت شركة الإنتاج السينمائي لوكاس فيلم بالاشتراك مع منصة ديزني بلس الرقمية لتقديم مسلسل الماندالوريان/The Mandalorian بقصة مقتبسة عن أحد أبطال السلسلة الشهيرة، ليكون بذلك من أوائل الأعمال التي قدمتها ديزني بعد إطلاق شبكتها الرقمية رسميًا العام الماضي.

الماندالوريان.. الغرب الأمريكي في المجرة

الماندالوريان الذي انتهت ديزني من عرض موسمه الثاني عبر شبكتها الرقمية مؤخرًا، تمت كتابة قصته في إطار زمني موازٍ للتواريخ التي رافقت قصة الجزأين السادس والسابع في سلسلة حرب النجوم السينمائية، والتي تنطلق من الأعوام الخمسة التي جاءت بعد الجزء السادس من السلسلة عودة الجيداي/ Return of the Jedi حتى 25 عامًا من الفترة التي سبقت ظهور النظام الاستبدادي الذي سيطر على المجرة في الجزء السابع من السلسلة القوة تنهض/ The Force Awakens.

أحداث الماندالوريان تدور في الفترة الزمنية الواقعة بعد تسعة أعوام من معركة يافين التي كانت في الجزء الرابع من سلسلة الأفلام بعنوان أمل جديد/ Star Wars: A New Hope، والمعروف أنه كان أول أجزاء السلسلة التي عرُضت في دور السينما، وتنطلق قصته من تأسيس الجمهورية الجديدة التي تشكلت من تحالف المتمردين بعد انتصارهم على الإمبراطورية.

معظم المراجعات شبّهت قصة الماندالوريان بأعمال الغرب الأمريكي التي تتحدث عن صائدي الجوائز

إذن، تقوم فكرة الماندالوريان في أساسها على صائد الجوائز الذي يعيش في تلك الفترة الزمنية، وتركز على شخصية الماندالوريان – بيدرو باسكال – بمعزل عن باقي الشخصيات الأخرى المعروفة في إطار السلسلة السينمائية، وتبدأ منذ الحلقة الأولى في المسلسل عندما يُستأجر الماندوالوريان من قبل إحدى المجموعات من أجل حماية طفل من فصيلة يودا البالغ من العمر 50 عامًا، والذي يساعد في العمل على إنقاذ الماندالوريان من الوحوش الفضائية.

معظم المراجعات التي قدمت للمسلسل شبّهت قصته بأعمال الغرب الأمريكي التي تتحدث عن صائدي الجوائز، حيثُ يلعب باسكال الذي يُخبئ رأسه داخل خوذة طوال فترة العرض دور صائد الجوائز الفخري، وتتداخل في شخصيته سلوكيات وأفعال تصوره على أنه مرتزقة وزاهد عاطفيًا، لتبدأ مغامرته بعد تكليفه بمهمة إلقاء القبض على يودا مقابل مبلغ كبير من المال، والذي تفاعل مع شخصيته – أي يودا – المُشاهدين/ات، وكذلك الحال مع النقاد/ات أيضًا.

والماندالوريان بحسب ما كتبت الناقدة السينمائية ميلاني مكفارلاند في موقع صالون ينحدرون من كوكب ماندالور الذي يعتبر الموطن الأصلي للماندالوريين، وهم لا ينتمون لأي عرق، ويتبعون عقيدة يكون فيها التدريب واستخدام السلاح أشبه بالطقوس الدينية، حيثُ يتعهدون عند إتمام تدريباتهم بعدم خلع الخوذة أو إظهار وجههم لأي شخص آخر حتى لا يضطروا للاستغناء عن طرقهم الخاصة في القتال.

ثورة لوكاس فيلم الإخراجية

أكثر ما يميز الماندالوريان الذي أعلنت لوكاس فيلم بالاشتراك مع ديزني عن تمديده لموسم ثالث، أنه ابتعد عمّا هو متعارف عليه في صناعة أعمال الخيال العلمي، أي الأعمال التي تعتمد بجزء كبير على الشاشة الخضراء أو (مفتاح الكروما)، لكن الأمر مع الماندالوريان من هذا الجانب بعد اعتماد منتجي العمل على بناء مواقع خارجية لتصوير المسلسل بدون أن يلجوؤا لخاصية الشاشة الخضراء، وبكلفة إنتاجية تقارب 15 مليون دولار للحلقة الواحدة.

بدايةً، يمكن للراغبات والراغبين بالاطلاع على المزيد من تفاصيل صناعة الماندالوريان مراجعة التقرير المفصل للمصور السينمائي جاي هولبن المنشور في الموقع الإلكتروني لمجلة سينماتوغراف، والذي يتضمن تفاصيل دقيقة مرتبطة بصناعة وتصوير المسلسل، بالإضافة لتقرير المصور جيمس أرتايوس المنشور في موقع  Digital camera worldالإلكتروني الذي يتحدث عن أنواع الكاميرات التي استخدمت في تصوير المسلسل.

بالعودة لعملية تصوير وإنتاج الماندالوريان، يقول الكاتب والمنتج جيسوس دياز في تقرير نشر في موقع تومز غايد الأمريكي إن الكاتب والمنتج التنفيذي جون فافيرو أراد للعمل أن يملك شعورًا حسيًا، من خلال تقديمه لمواقع التصوير والدمى والمؤثرات البصرية التي يمكن للجمهور توقع حقيقيتها بنسبة مائة بالمائة، فيما واقعيًا كانت جميع المواقع مجرد كذبة، على الرغم من عدم اعتمادهم على الشاشة الخضراء أو عمليات ما بعد الإنتاج، ويضيف بأن الموقع كاذب لدرجة أنه كان بإمكان فريق العمل مشاهدة المؤثرات البصرية بأعينهم.

لإنتاج الماندالوريان تعاونت لوكاس فيلم مع شركة تطوير ألعاب الفيديو إيبيك غيمز في استخدام محرك نمذجة ألعاب الفيديو أنريل إينجن لصنع مواقع تصوير المسلسل، من خلال صناعتها الصحارى والسهول الجرداء المتجمدة وحظائر محطة الفضاء وأنفاق المدينة تحت الأرض باستخدام محرك الألعاب ذاته الذي يستخدم في العديد من ألعاب الفيديو، فيما كان فريق العمل يقوم بتصوير المشاهد مباشرة بدون الرجوع إلى الشاشة الخضراء أو عمليات ما بعد الإنتاج.

مشاهد الماندالوريان تم تصويرها مباشرة بدون الرجوع إلى الشاشة الخضراء أو عمليات ما بعد الإنتاج

ويشير دياز في تقريره إلى أن الكاميرا التي استخدمت في التصوير كانت مشابهة لنظارة الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز، حيثُ كانت تجري عملية مزامنة مع البيئة الوهمية المسقطة على جدران الأستوديو، ولهذا عندما تتحرك أو عندما يغير مدير التصوير العدسات، فإن البيئة تغير المنظور للحفاظ على الوهم، موضحًا أن هذه البيئات هي بيئات افتراضية في الوقت الحقيقي، كان بإمكانها التحرك بأي سرعة وبأي اتجاه أيضًا، مما يولد بسهولة تأثير الحركة للممثلين.

ويضيف دياز في تقريره مشيرًا إلى أن مستوى الواقعية الذي حصل عليه فريق الماندالوريان من هذه التقنية ليس مدهشًا بفضل البيئات ثلاثية الأبعاد والإضاءة والانعكاسات على الأسطح الحقيقية، وهو الأمر الذي يمكن تزييفه ولكن بتكلفة باهظة في عمليات ما بعد الإنتاج، إنما سمح أيضًا للممثلين بأن يكونوا فعليًا في أي مكان وأن يشاهدوا ما الذي يتفاعلون معه، أي أنهم كانوا يعملون في موقع تصوير افتراضي يمكنهم رؤيته، والنظر إلى أشياء حقيقية تحصل حولهم وليس فقط التمثيل في فراغ استوديوهات الشاشة الخضراء.

ويتابع دياز منهيًا تقريره بالقول إنه دائمًا ما كانت الأفلام الأخيرة التي استخدمت الشاشة الخضراء في صناعتها غير واقعية، نظرًا لأن الممثلين/ات كان عليهم/هنّ النظر إلى أشياء لا يمكنهم/هنّ رؤيتها، بما معناه أن كل شيء كان يبدو مزيفًا، إلا أن لوكاس فيلم في الماندالوريان تجاوزت هذه المشلكة بإنشائها عالمًا افتراضيًا داخل العالم المادي لإنجاز المسلسل، وهو ما يتقاطع مع فافيرو الذي توقع أن يكون للتقنية المستخدمة في بناء موقع العمل الافتراضي دورًا إيجابيًا في صناعة الأفلام والأعمال التلفزيونية مستقبلًا.


مينا سبوت

التاريخ: 4 مارس 2021










الرابط المختصر: