يدرك مسلسل “Extrapolations” بشكل جيد كيفية سقوط العالم في الخراب، لكنه يجد صعوبة في فهم النفوس التي لا تزال عالقة فيه، وفقًا لمراجعة الناقدة أنجي هان المنشورة في مجلة هوليوود ريبورتر الأميركية، وترجمها فريق مينا سبوت إلى العربية بتصرف.
تستعد الناشطة البيئية الشابة كارمن (يارا شهيدي) لإلقاء خطاب حول حاجتنا لاتخاذ إجراءات بشأن التغيّر المناخي في الدقائق الأولى لمسلسل “Extrapolations” الذي بدأ عرضه على منصة آبل تي ڤي بلس مؤخرًا، فهي بينما تكون تنتظر بدء البث المباشر، يسألها زميلها بشكل عابر ما إذا كانت بحاجة إلى أي شيء، ليكون ردها غير عابر إطلاقًا: “ليستمع الناس”.
هكذا تم ضبط أسلوب كافة حلقات المسلسل بشكل جاد وبطيء، وغالبًا ما تفتقر للفوارق الدقيقة. إذ يبرز إلحاح رسالتها كأمر بديهي بما يكفي لدرجه أنها لم توفر أي جهد لإيصالها. وعلى الرغم من أن المسلسل يضم طاقم تمثيل مرصع بالنجوم، بالإضافة إلى تصميم الإنتاج الباذخ، فإن كل ذلك جاء على حساب الشخصيات التي يجب أن تكون قصصها مركزية، مما حول المسلسل إلى سلسلة من النقاشات حسنة النية، ولكنها مملة في الغالب.
من باب الإنصاف، إذا كان هناك أي كاتب قد حصل على امتياز توقّع انتباه الجمهور إلى تنبؤاته حول المستقبل، فهو الكاتب الرئيسي للمسلسل سكوت بورنس، بعدما تحوّل الفيلم الذي كتبه “Contagion” إلى معاينة مخيفة لوباء كوفيد-19. لكن “Extrapolations” يدفع الجمهور إلى أبعد من ذلك في مجال النظرية، والتي تتكشف لنا عبر ثماني حلقات مترابطة فيما بينها بشكل فضفاض تمتد من عام 2037 حتى عام 2070، ويسبق كل منها في المشاهد الافتتاحية ذكر إحصائية مختلفة (تقديرية) ومروعة، منها على سبيل المثال لا الحصر، عدد الكائنات الحية التي فُقدت بحلول عام 2046، أو عدد الوفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة في عام 2059.

يتكرر ظهور عدد قليل من الشخصيات الرئيسية في جميع حلقات المسلسل، ولعل أبرزهم نيك بولتون (كيت هارينجتون)، وهو الملياردير والمدير التنفيذي لكبرى شركات التكنولوجيا والأدوية التي يديرها جميعها ضمن شركة تدعى “ألفا” منتشرة في مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك فإن معظم الشخصيات تظهر في حلقة واحدة أو اثنتين، وعادة ما تكون الشخصية تحت غطاء اسم مشهور أو اسم آخر، حيثُ تلعب ميريل ستريب دور جدة تحتضر، ويلعب إدوارد نورتون دور مسؤول حكومي، بينما يلعب ماثيو ريس دور رجل أعمال فاسد. ولعلّ إذا كان الهدف هو لفت انتباه الجمهور للمسلسل، فإنه يوجد أسوأ من تضليل بالأسماء الكبيرة للقيام بذلك.
تعمل توعية “Extrapolations” ضد مضمونها الخاص أكثر مما يكون لصالحها، وهو ما أدى إلى ظهور شخصيات أقل إنسانية، ليست إلا أصواتًا للمناقشات السياسية أو إلقاء الخطب الحزينة. من بينها قصة الحاخام مارشال (دافييد ديجز) الذي يحاول إنقاذ معبده في ميامي من ارتفاع منسوب المياه، حيثُ يستخدم الحادثة كعذر للدخول في نقاش فلسفي طويل حول خطايا الإنسان مع صديقته الشابة والغاضبة (نيسكا روز).
وهناك قصة آخرى حول العالمة ريبيكا (سينا ميلير) التي تحاول إنقاذ ما قد يكون أخر جمل البحر (الحوت الأحدب) على الأرض، لكن هذا يهدد بالانشغال عن القصة تحت وطأة الاستعارات المجازية، على الرغم من أن ذلك يجعلنا نسقط في التفاصيل الرائعة، والتي من الممكن توقّع أن يكون لدينا تكنولوجيا للدردشة غير الرسمية مع الحيتان في عام 2046.

ومع ذلك، تميل الحلقات الأكثر نجاحًا إلى تلك الحلقات التي تسمح للتغيّر المناخي بأن يكون خلفية للمزيد من الأعمال الدرامية ذات النطاق البشري، حيثُ تركز النقطة 2 لعام 2059 على اثنين من المهربين، هما نيل (غاز شودري) وغوراف (أدارش غوراف)، حيثُ أنه بالكاد لديهما القدرة للسيطرة على مصيرهما – ناهيك عن مصير سكان العالم – وهما يشقان طريقهما عبر المناظر الطبيعية التي اجتاحها الجفاف في الهند، ولكن هذا على وجه التحديد ليس لأنهما نكرتان، بل لأنهما قادران على تقديم وجهة نظر سيناريوهات المسلسل بطريقة لا تصدق حول مستوى سطح الأرض. وهما على عكس الشخصيات الرائدة والمتميزة نسبيًا والمحمية عن العالم، ويظهر الكثير منها في المسلسل، مثل المسؤولين الحكوميين والمليارديرات الذين يناقشون الهندسة الجيومناخية من مكاتبهم المريحة والمكيفة في النقطة 1 لعام 2059، بينما ليس لدى نيل وغوراف سوى القليل من الخيارات لمواجهة العوامل المناخية وجهًا لوجه.
يسافر نيل وغوراف ليلًا لتجنب درجات الحرارة المرتفعة نهارًا، وينامان داخل أكياس نوم خاصة للحصول على الراحة، وفي طريقهما يقابلان أطفالًا يجرؤون على التسلسل خلال فترة حظر التجول نهارًا. وعلى طول الطريق يناقشان حالة كوكب الأرض، لكنهما يتشاجران أيضًا حول النساء، ويتخيلان كيف ينفقان راتبهما، ويطوران نوع الرابط بينهما بعد أن تحملا جميع المواقف الشديدة معًا. بعبارة أخرى، يتصرفان مثل الأشخاص العاديين، وبذلك يكونان بمثابة تذكير أفضل لما هو على المحك، وأكثر بكثير من عاصفة الإحصائيات التي يذكرها المسلسل.
أيضًا، تبدو القصة التي تدور في عام 2068 مضحكة كثيرًا، تتصاعد أحداثها عندما يخبر أوجست (فوريست وايتكر) زوجته سيلفي (ماريون كوتيار)، وأصدقائه إلودي (إيزا جونزاليز) ونيك (توبي ماغواير) أنه سيغادر في الصباح لرقمنة نفسه، بحيث يمكنهم إيقاظ وعيه في مستقبل أفضل. ترسم هذه القصة صورة قاتمة بلا شك، فقد أصبح الهواء ملوثًا لدرجة أنهم في سان فرانسيسكو يحملون عبوات الأوكسجين عندما يخرجون، ومعظم طعامهم عبارة عن أعشاب بحرية. ومع ذلك، هناك شي مرتبط ومريح حول إعلان أوجست أنه متفائل بشأن قدرة كوكب الأرض على الشفاء أكثر من نجاح زواجه. بصرف النظر عما سيحدث، سيجد البشر طرقًا لتعذيب أنفسهم مثل حفلات عشاء فيلم “Who’s Afraid of Virginia Woolf”.
تستفيد الحلقتان من فضول الطبيعة البشرية الذي يتجاوز المونولوجات المليئة بالحيوية حول قدرتنا على الطمع أو الرضا عن الذات، وكل ما لدينا من عاطفة سخيفة ومجد فوضوي تجاه الناس، وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن “Extrapolations” يسير بشكل عكسي، بدءًا من التطور الذي يريد إظهاره لنا ووصولًا إلى التكنولوجيا التي يريد التفكير فيها والمحادثة التي يُجبر عليها، بالإضافة إلى جمع المسلسل بين الشخصيات المصممة بشكل لطيف لتقديم القصة.
وفي النهاية، يدرك مسلسل “Extrapolations” بشكل جيد كيفية سقوط العالم في الخراب، لكنه يجد صعوبة في فهم النفوس التي لا تزال عالقة فيه.
يُعرض حلقة واحدة كل يوم جمعة من مسلسل “Extrapolations” على آبل بلس حتى 21 أبريل (نيسان) القادم.