تحاول شبكة نتفليكس الرقمية في مسلسلها الوثائقي عوالم غريبة/Alien Worlds الإجابة عن السؤال الأهم الذي يشغل العلماء حول إمكانية وجود حياة على الكواكب التي تقع خارج المجموعة الشمسية، وتبعد عنها ملايين الأميال، مطبقةً ما نعرفه عن الحياة على كوكب الأرض على أربعة كواكب خارج المجموعة الشمسية، من خلال خلقها حياة وعوالم متخيّلة على الكواكب الأربعة افتراضيًا عن طريق تقنية (CGI) لتصميم المشاهد المتحركة عبر الكومبيوتر.
المسلسل الوثائقي الذي شارك بإخراجه حلقاته الأربعة كلًا من: دانيال إم سميث، سوزي بويلز، ونايجل باترسون، مع مشاركة متميزة للممثلة الإنكليزية صوفي أوكونيدو التي قامت بقراءة التعليق الصوتي؛ وكان هدفه كما يتضح تخيّل طريقة الحياة على الكواكب المكتشفة خارج المجموعة الشمسية، قوبل بتعليقات سلبية وإيجابية معًا من قبل غالبية الناقدات والنقاد، بسبب تشابه الحياة على الكواكب الأربعة مع الأرض، كما يقول الناقد السينمائي جويل كيلر في مقال نشر في موقع ديسايدر الأمريكي، من حيثُ ظهورها بشكل واضح في الحلقة الأولى لدرجة يصف فيها تخيّلات القائمين على الوثائقي للكواكب الأربعة بأنها ” مثيرة للإحباط أكثر من أي شيء آخر”.
تتناول الحلقة الأولى من الوثائقي أحد الكواكب التي تقع خارج المجموعة الشمسية، ويعرف باسم أطلس، وفقًا لكيلر فإن الحلقة الأولى تعكس تباينًا كبيرًا بين “الحياة الواقعية والتمثيل القائم على العلم”، مما جعل تصويرها عبر تقنية CGI خياليةً بالنسبة لأطلس، فقد بيّنت المقاربة بين الأرض وأطلس، أن اللقطات التي خُصصت للأرض جعلتها مشرقة ومشمسة على عكس أطلس الذي ظهر خطرًا ومظلمًا.
يصف الناقد جويل كيلر تخيّلات القائمين على عوالم غريبة بأنها “مثيرة للإحباط أكثر من أي شيء آخر”
يُشبه كيلر أطلس بالأرض الخيالية موردور في سلسلة أفلام سيد الخواتم للخيال العلمي، لكنه يقول إنها أكثر ظلمةً من موردور، فقد تم تصوير الحياة على الكواكب التي تقع خارج المجموعة الشمسية بطريقة غريبة بقصد جعلها مختلفة عن الكائنات التي تعيش على الأرض، لذلك تبدو الحياة على أطلس قصيرة وموحشة، وهو ما يبدو في مشهد موت الأم “راعية السماء” بعد إنجابها لأطفالها، وهي حيوانات طائرة توصف في الوثائقي بأنها “أكلة الأعشاب الجوية”.
يجادل كيلر أكثر في مراجعته عندما يتحدث عن أن الأكثر إثارة للقلق في الوثائقي مقارنة أوكونيدو للأرض مع أطلس كما لو أن أطلس كوكب موجود بالفعل، ومن بين ذلك ما ورد بأن “الغلاف الجوي للأرض أرق مما هو عليه في أطلس”، مضيفًا بأنه على الرغم من المُتعة التي تحظى بها المُشاهدات والمشاهدين عندما يشاهدون لقطات أُخذت بتقنية عالية للحياة الواقعية، فإنهم سيشعرون بالخيبة من المشاهد المحبطة المصممة لكوكب أطلس.
لكن ذلك لا يمنع كيلر من الإشارة إلى ضرورة دمج المشاهد الطبيعية – الحقيقية مع المشاهد العلمية في مشاهد CGI المتخيّلة، الأمر الذي يجعل السرد سلسًا، وهو ما يدفعه لمنح فكرة العوالم الغريبة درجة A مقارنة بدرجة أقل من A لمشاهد CGI المصممة للكواكب الأربعة، موصيًا بالتركيز في الحلقات على مشاهد الأرض بسبب أهمية المحتوى، على عكس مشاهد الكواكب الأربعة التي تحتوي تباينًا كبيرًا مع الحياة الواقعية رغم روعتها.
ولا يختلف ما كتبه كيلر عن عوالم غربية عمّا كتبته الناقدة السينمائية شينا سكوت في موقع مجلة فوربس الإلكتروني، والتي تبدأ قرائتها للوثائقي بالإشارة لتركيز الحلقات الأربعة على أربعة كواكب مختلفة هي: أطلس، جانوس، إيدن، وتيرا، والتي يقول عنها العلماء إنها مثال عن الكواكب التي تشبه الأرض لكنها تقع خارج المجموعة الشمسية، بعكس ما نعرفه عن القواعد التي تحكم الحياة على كوكبنا عن الحياة في الكواكب الخارجية البعيدة لكنها شبيهة بالأرض.
تلخص سكوت في قرائتها الحلقات الأربعة في الوثائقي بالإشارة إلى تخيّل أطلس الذي تعيش عليه آكلات الأعشاب الجوية من جانب امتلاكه غلافًا جويًا كثيفًا للغاية لدرجة أن المخلوقات التي تطير لا يمكن لأقدامها أن تطأ الأرض، أما في جانوس فإن الوثائقي يتخيّل مخلوقًا من خمسة أرجل يدعى “بينتابود” يعيش حياةً مماثلة لحياة النمل على كوكبنا، كما تصور الحلقة المخصصة لإيدن السلسلة الغذائية بين النباتات والحيوانات العاشبة والحيوانات آكلة اللحوم على الكوكب، وتناقش الحلقة الأخيرة إمكانية وجود حياة يحكمها الذكاء الاصطناعي على تيرا.
تشبه الناقدة شينا سكوت الكائنات الفضائية التي تخيّلها المسلسل الوثائقي بشخصيات أفلام ستار تريك
تتفق سكوت في قرائتها مع كيلر حول الطريقة التي تصف بها أوكونيدو الحياة المتخيّلة على الكواكب الأربعة كما لو كانت حقيقية، مشبهةً السرد الذي يرافق عوالم غريبة بالمسلسلات الوثائقية التي تنتجها شبكة BBC عن حياة الحيوانات على كوكبنا، غير أنها في وثائقي نتفليكس تظهر حيوانات متخيّلة مبنية على فرضيات، مشيرةً إلى أن العوالم المتخيّلة التي أُنشئت بواسطة تقنية CGI كانت في بعض الأحيان “مبالغ فيها” بسبب تخيّلها لـ”مخلوقات مخيفة للغاية”، مقارنة مع المشاهد التي تتحدث عن كوكبنا بوصفها “مثيرة للاهتمام”.
لكن عوالم غريبة في مقابل ذلك، يظهر وفقًا لسكوت ما تراكم من معرفة عند العلماء عن كوكبنا، من خلال تتبع كل حلقة من الحلقات لمجموعة من الأبحاث المرتبطة بالنظام البيئي والفيزياء الفلكية للأرض، كما الحال في الحلقة الأولى التي يتحدث فيها عالم الفيزياء الفلكية ديدييه كيلوز، وهو مكتشف أول كوكب خارج المجموعة الشمسية في تسعينيات القرن الماضي، وكذلك مع عالم الفيزياء الفلكية آدم فرانك الذي يشرح في الحلقة الرابعة لماذا لا يمكننا تخيّل الحياة على الفضاء إلا في الوقت الراهن، أو إمكانية اكتشاف حياة خارج كوكبنا حتى الآن، موضحًا صعوبة العثور على حضارة ضمن 10 مليارات تريليون كوكب محتمل أن تحافظ الحياة على وجودها ضمن أحدها.
على الرغم من النقد الذي تخللته مراجعة سكوت، فإنها توصي في نهاية مراجعتها بمشاهدة وثائقي عوالم غريبة لما يحتويه من “عرض خيال علمي ممتع وغني بالمعلومات”، مشيرةً إلى أن بعض الكائنات الفضائية التي تخيّلتها الحلقات ذكّرتها بسلسلة أفلام الخيال العلمي ستار تريك/Star Trek، وتضيف بأن الحلقة الأخيرة التي تخيّلت الحياة في تيرا شبيهة بنظام الشبكات في سلسلة أفلام الخيال العلمي المصفوفة/ The Matrix، إضافة للمجموعات الغريبة المعروفة في ستار تريك باسم بورغوس/ Borgs، وهي كائنات إلكترونية مرتبطة بعقل خلية تسمى “الجماعية”.