نتفليكس تعزز حضورها في الثقافات المحلية عالميًا

مسلسل بريدجيرتون

تحظى شركة نتفليكس لخدمة البث التدفقي العالمية بقاعدة كبيرة من المشتركات والمشتركين على مستوى العالم بعد أثبتت قدرتها في هذا المجال، فقد حققت خدمة الترفيه العالمية نجاحًا مختلفًا العام الماضي مع الانتشار الكبير للمسلسل الوثائقي القصير ملك النمر/Tiger King، الأمر الذي جعلها منافسًا قويًا في ترشيحات الأوسكار للعام الجاري مع وجود العديد من الأفلام الأصلية المرشحة، بحسب تقرير من إعداد وكالة الأنباء الفرنسية.

وجذبت أعمال نتفليكس الأصلية اهتمام الجمهور من الأرجنتين إلى الهند، كما الحال مع مسلسلات (لا كاسا دي بابيل ) بيت من ورق/ Money Heist وكوبرا كاي/Cobra Kai، وكذلك الأمر مع مسلسل مناورة الملكة/The Queen’s Gambit، مما جعلها تحظى بشعبية كبيرة بين جمهور ثقافة البوب الخاصة بالصناعة الترفيهية، والتي ساعدها على ذلك دخول أجزاء كبيرة من العالم مرحلة الإغلاق الكبرى لعدة أشهر بسبب جائحة فيروس كورونا الجديد.

وتمكّنت نتفليكس التي تنشر مسلسلات مترجمة إلى عشرات اللغات على الإنترنت من توجيه المحادثات السائدة على منصات التواصل الاجتماعي حول محتواها في الأشهر الأخيرة، بدءًا من مسلسل ملك النمر الوثائقي وصولًا إلى مسلسل لوبين/Lupin الفرنسي، الذي سمح للممثل الفرنسي عمر سي الذي يؤدي شخصية لوبين في المسلسل بالوصول إلى العالمية.

يقول أستاذ علم الاجتماع المتخصص في صناعة الترفيه في جامعة كاليفورنيا غابريال روسمان إنه في عالم صناعة الترفيه التلفزيونية الذي يزيد انقسامًا أكثر من أي وقت مضى، فإن نتفليكس تملك “التأثير الثقافي” نفسه الذي كانت تملكه مسلسلات الشبكات الأمريكية الكبرى مثل ABC، CBS، وNBC حتى ثمانينيات القرن الماضي.

وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن هنا ذكر مسلسل دالاس/Dallas الذي أنتجته CBS في عام 1978، ومسلسل الأصدقاء/Friends من إنتاج NBC في عام 1994، حيثُ حصل المسلسلان على نجاح وشعبية على مستوى العالم، ولكن ليس بالطريقة المباشرة التي تقوم نتفليكس ببناء أعمالها الأصلية عليها، مثل مسلسل الرومانسية القديمة بريدجيرتون/Bridgerton الذي حظي بشعبية عالمية.

يقول مدير التسويق في شركة الدبلجة فويسز أوليفر سكينر إن “نتفليكس أصبحت الوجهة النهائية لأي شخص يبحث عن (عمل تلفزيوني أو سينمائي) رائج في جميع أنحاء العالم”، في حين يرجع الأستاذ في جامعة فيرجينيا أسوين بوناثامبيكار ذلك الانتشار لسهولة وصول نتفليكس إلى البيانات المرتبطة بعادات المشتركات والمشتركين لديها، البالغ عددهم 207 مليون على مستوى العالم.

ويوضح بوناثامبيكار أن ذلك يسمح لنتفليكس “فهم الاتجاهات التي تتجاوز العوامل الديموغرافية المتعارف عليها، وتحديد المسلسل الذي يرغبون في مشاهدته”، وتابع مضيفًا بأن “فهم الاتجاهات” يساعد نتفليكس على اتخاذ القرارات المرتبطة بإضافة الأعمال التلفزيونية المكوّنة من أجزاء إلى منصتها، لكنها تبقى مثل أي مخدّم وسائط آخر من ناحية عدم تنبؤها أي من الأعمال يمكن أن تجذب الجمهور.

وتبرز هذه الفكرة بشكل أوضح عند النظر إلى أفلام نتفليكس الناجحة، إذ أنه على الرغم من حصول أعمالها السينمائية على أكثر من 30 ترشيحًا في جوائز الأوسكار للعام الجاري – التي سيتعلن عنها فجر الاثنين القادم – بما في ذلك أفلام قاع ماريني الأسود/Ma Rainey’s Black Bottom ومانك/Mank ، فإن الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار لم يكن لها أي تأثير شعبي.

ووفقًا للإحصائيات التي أوردتها الوكالة الفرنسية، فإن مسلسلي كوبرا كاي ومناورة الملكة هما من أكثر المسلسلات بحثًا على غوغل في الأرجنتين، بينما يتصدر مسلسل بيت من ورق قائمة المسلسلات التي سجلت أكبر عدد مشاهدات على منصة نتفليكس في الهند، كما أن المسلسل عينه يتصدر قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة في نيجيريا أيضًا، بينما جاء في المرتبة الخامسة في مصر.

ونقلت الوكالة الفرنسية عن موقع أومليت أنه بعد إطلاق الموسم الثالث من كوبرا كاي في البرازيل في يناير/كانون الثاني، سجل زيادة في عمليات البحث عن مدارس الكاراتيه بنسبة 75 بالمائة، وفي العراق قام معارضو الحكومة بتصوير ونشر مقطع فيديو وهم يرتدون بذلة حمراء ويضعون قناعًا مماثلًا للذي يضعه أبطال مسلسل بيت من ورق الإسباني.

يوضح الأستاذ في قسم علوم المعلومات والاتصالات في جامعة ليبر في بروكسل لويس ويارت أن نتفليكس من أجل تحسين أدائها منحت الأولوية للأسواق الناشئة في أمريكا اللاتينية وآسيا، مشيرًا إلى أن 80 بالمائة من الاشتراكات المسجلة في المنصة في العام الماضي كانت من خارج أمريكا الشمالية، وتابع منوهًا في حديثه إلى أن ما ساعد نتفليكس في ذلك ظهور طبقة وسطى “تحظى بإمكانية الوصول إلى أنماط جديدة من الاستهلاك الرقمي والثقافي”، ولديها “تقاربًا قويًا نسبيًا مع هذا النظام الأساسي”.

وفي محاولة لزيادة عدد المشتركات والمشتركين خارج الولايات المتحدة، فضلًا عن حرصها على الامتثال للقوانين المحلية في بعض الدول، فإن نتفليكس تقوم بإنتاج المزيد من أعمالها المحلية على مستوى الدول، فقد أنتجت سابقًا المسلسل الإسباني بيت من ورق إلى جانب المسلسل الفرنسي لوبين، وكلاهما حققا شهرة عالمية.

وبحسب ما يرى بوناثامبيكار فإن نتفليكس بالاشتراك مع المنصات الرقمية الأخرى اتجهوا للتعاون مع صناعات السينما والتلفزيونية الثابتة في صناعة الترفيه العالمية، لافتًا إلى تعاون نتفليكس مع بوليوود كمثال على ذلك، فهي تقوم بإنتاج مسلسلات لها جذور في بيئات ثقافية وسياسية محددة، بينما رأى ويارت أن نتفليكس “تنتج محتوى محليًا لكن للسوق العالمية (…) يمكن تصديره إلى أنحاء العالم”، وتابع مضيفًا “هذا الأمر ينطوي على خطر التوحيد والتوافق مع المعايير”.

ولكن حتى مع انتشار نتفليكس الكبير على مستوى العالم، فإن خدمة البث الترفيهي من المتوقع أن تشهد منافسة خلال الفترة القادمة في ظل استهداف خدمة ديزني بلس إلى جانب أمازون برايم فيديو الجمهور خارج الولايات المتحدة، فقد سجلت نتفليكس انخفاضًا في أسعار أسهمها مؤخرًا، كما أن عدد الاشتراكات الجديدة كان أقل من المتوقعات، وأرجعت نتفليكس سبب ذلك إلى تأخر عمليات إنتاج الأعمال الأصلية بسبب فيروس كورونا الجديد، وهو ما دفع بالرئيس التنفيذي المشارك لنتفلكس ريد هاستينغز لوصف الوضع المالي للشركة بـ”المتذبذب” حاليًا.


مينا سبوت

التاريخ: 23 أبريل 2021










الرابط المختصر: